سید احمد فاطمی

جلسه پنجاه و هفتم: درس خارج فقه و اصول ۶ بهمن ۱۳۹۵

درس فقه:

(مسألة ۱۷): إذا تعارضت بيّنة الجرح و التعديل کما اذا قالت احدهما انّها عادلة و قالت الاخری انّها فاسقة او اختلفا فی الزّمان و المکان تسقطان بالتّعارض لصدق عدم قیام حجّة معتبرة علی احدهما فی البین و لاصالة السّقوط فی تعارض الحجّتین مطلقاً هذا اذا لم یکن ترجیح فی البین و الّا فیؤخذ بالرّاجح فعلى المدعى عليه اليمين لانحصار فصل الخصومة بها حینئذٍ کما انّ له ردّ الیمین الی المدّعی و لكن لو كانت لبيّنة المدّعي حالة سابقة من العدالة أو الفسق يؤخذ بها لاعتبار الاستصحاب شرعاً فیصحّ العمل بها ما لم یعلم الخلاف ففي الأولى تتمّ البيّنة و يحكم بها لفرض تحقّق العدالة بالاصل و في الأخير تثبت اليمين على المنكر لطرح البیّنة بل فسادها بالأصل.

(مسألة ۱۸): يشترط في الشّهادة بعدالة البيّنة العلم بالعدالة لقوله تعالی و لا تقف ما لیس لک به علم[۱]

و قوله تعالى إلّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ[۲] و قول النّبی صلی الله علیه و آله حين ما سئل عن الشّهادة: هل ترى الشّمس؟ على مثلها فاشهد أو دع[۳] و قول الصّادق علیه السلام: لا تشهدنّ بشهادة حتّى تعرفها كما تعرف كفك[۴].

مضافاً إلى الإجماع و ما يأتي في أوّل كتاب الشّهادة من أنّها من الشّهود و لا اختصاص لذلك بالشّهادة بالعدالة بل يعم كل شهادة.

إمّا بالشّياع أو بمعاشرة موجبة لذلك لانّ المناط حصول العلم بها من ایّ منشأ حصل و لا يكفي في الشّهادة حسن الظّاهر و لو أفاد الظّن لاصالة عدم الاعتبار الّا مع العلم به و لا الاعتماد على الأمارة و الأصل غير المفيدين للعلم لعدم حصول العلم من ذلک کله و انّ الظّن لا یغنی من الحقّ شیئاً[۵] نعم يجوز الشّهادة بعين ما حصل له بأن يشهد الشّاهد بقيام البيّنة و مفاد الاستصحاب و يقول: هذا مستصحب العدالة عندي لكنه لا ينفع للشهادة المعتبر فيها العلم. و كذا الشهادة بالجرح يعتبر العلم بفسقه و تحرم الشّهادة بما لا يوجبه من البينة و الاستصحاب  الكلام فيه عين الكلام في الشّهادة على العدالة بل كلّ مشهود به كذلك لوحدة الدّليل في الجميع من الكتاب و السّنة و الإجماع كما تقدّم.

[۱] اسراء ۳۶

[۲] زخرف ۸۶

[۳] وسائل باب ۲۰ من ابواب الشّهادة

[۴] وسائل باب ۲۰ من ابواب الشّهادة

[۵] نجم ۲۸

 

درس اصول:

الأمر الثامن: أصالة الصحّة أمارة أو أصلٌ‏

إنّ القضاء الباتّ في المقام يتوقف على دراسة أدلّة أصالة الصحّة، فانّ مفادها يختلف حسب اختلاف أدلّتها، و ذلك:

فإن قلنا بحجيّتها من باب دفع العسر و الحرج و لغاية حفظ النظام، تُصبح أصالة الصحّة أصلًا من الأُصول.

و أمّا ان قلنا بحجيتها من باب السيرة المستمرّة بين العقلاء المستندة إلى أصل، و هو انّ الإنسان العاقل المريد لغاية دنيوية أو اخرویۀ لا يقوم إلّا بالعمل الصحيح لا الفاسد، فتصبح أصالة الصحة أمارة من الأمارات، فيكون قيام الفاعل المريد للعمل لأجل غرضٍ، طريقاً إلى استكشاف صحته، و إلى ذلك الوجه يرجع ما قلنا من أنّ طبع العمل يقتضي أن يكون صحيحاً، و ذلك لأنّ اقتضاء طبع العمل، الصحةَ رهن إرادة الفاعل المريد لغاية خاصة.

و لكن لا تترتب على ذلك ثمرة عملية، و ما ربّما يتوهّم من أنّ ثمرة البحث هو حجّية مثبتاتها على الأمارية دون الأصل، غير تامٍّ. إذ لم يدلّ دليل على حجّية مثبتات الأمارات على الإطلاق إلّا البيّنة و خبر الواحد، و في غير هذين الموردين لم يدلّ دليلٌ على التعبُّد بلوازمها العرفية أو العقلية.

مثلًا لو شككنا في أنّ الشراء الصادر من الغير كان ممّا لا يملك أو ممّا يملكه من الدرهم المعين، فأصالة الصحّة لا تثبت خروج الدرهم من ملكه.

و خلاصة الكلام في حجّية الأمارات في مثبتاتها انّ طريقية الأمارة إذا كانت قوية بحيث لا ينفك التعبّد بالملزوم عرفاً عن التعبّد بلازمه تكون الأمارة حجّة في لوازمها، كما في البيّنة و خبر الواحد؛ و أمّا إذا كانت طريقيته خفيفة كالظنون الحاصلة من قاعدة اليد و الفراغ و أصالة الصحّة، فلا يعد التعبّد بالملزوم، تعبداً باللازم. فما اشتهر بين المتأخرين من أنّ مثبتات الأمارات حجّة دون الأُصول ليس على إطلاقها دليل.

نعم ربما يكون الأصل أو الأمارة الضعيفة منقِّحاً لموضوع الدليل الاجتهادي فيترتب عليه الأثر، لا بفضل الأصل أو الأمارة الضعيفة، بل بفضل الدليل الاجتهادي الذي أخذ موضوعه من الأصل أو الأمارة الضعيفة، و هذا خارجٌ عن مثبتات الأُصول و الأمارات.

مثلًا: إذا طُلّقت المرأة و شككنا في صحّة طلاقها، جرت أصالة الصحة و ثبت صحّة الطلاق، و عندئذٍ تصبح المرأة المطلقة صغرى، لقوله تعالی: «وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ»[۱] فيجب عليها الاعتداد، فإذا خرجت من العدة يشملها الدليل الاجتهادي الآخر المسوّغ لتزويج المرأة المطلّقة التي انتهت عدتها، و هكذا ….

الأمر التاسع: تقدّم أصالة الصحّة على استصحاب الفساد

إنّ أصالة الصحّة مقدّمة على الاستصحاب سواء  كانت أمارة أم أصلًا.

أمّا على القول بأنّها أمارة، فلأنّها مزيلةٌ للشك؛ و أمّا على القول بأنّها أصل، فللزوم اللغوية لو قُدِّم الاستصحابُ على أصالة الصحّة. لأنّ الأصل في العبادات و المعاملات هو الفساد، و ذلك انّ سبب الشكّ فيهما إذا كانت الشبهة موضوعيّة هو احتمال تخلّف شرط أو جزءٍ عن المشروط و المركب، و الأصل عدم اقترانهما بالكلّ فتكون المعاملة محكومة بالفساد، و العبادة محكومة بوجوب الإعادة و بقاء اشتغال الذمّة، فلو قُدّم الاستصحاب على أصالة الصحّة يلزم أن لا يكون لأصالة الصحّة دورٌ في باب المعاملات و العبادات، و هذا هو معنى لغويتها.

نعم لو كان الشكّ في الصحّة نابعاً عن احتمال اقتران المانع و القاطع، فمقتضى الأصل و إن كان عدمهما و تكون النتيجة صحّة العبادة و المعاملة، و لكن عند ذاك لا حاجة إلى أصالة الصحّة، فتُصبح أصالة الصحّة أصلًا قليل الفائدة أو عادمها، و ذلك لأنّه بين مبتلى بمعارض يقدّم عليه و بين خالٍ عن المعارض لكن الفقيه في غنىً عن مراجعتها.

و يؤيد ما ذكرناه انّ سيرة العلماء و المتشرّعة على تقدّم أصالة الصحّة على الاستصحاب.

[۱]. البقرة: ۲۲۸