سید احمد فاطمی

جلسه پنجاه و یکم: درس خارج فقه و اصول ۲۷ دی ۱۳۹۵

درس فقه:

(مسألة ۲۵): هل تختص وظيفة المنكر بالحلف فقط فيما مرّ من الأحكام أو تقبل منه البيّنة أيضاً إن أقامها و كانت جامعة للشّرائط من كل جهةٍ وجهان مقتضى الإطلاقات الجواز و أمّا قوله صلی الله علیه و آله: البيّنة للمدعي و اليمين على من انکر إنّما هو من باب الغالب لا التّقييد الحقيقيّ و يظهر الجواز عن جمعٍ منهم صاحب العروة في ملحقاته و يمكن تأييد ذلك بعدّة رواياتٍ منها: موثّق حماد بن عيسى قال: بينما موسى بن عيسى في داره الّتي في المسعى يشرف على المسعى إذ رأى أبا الحسن موسى عليه السلام مقبلاً من المروة على بغلةٍ فأمر ابن هياج رجلا من همدان منقطعاً إليه أن يتعلق بلجامه و يدّعي البغلة فأتاه فتعلّق باللجام و ادّعى البغلة فثنى أبو الحسن عليه السلام رجله و نزل عنها و قال لغلمانه: خذوا سرجها و ادفعوا إليه فقال: و السّرج أيضاً لي فقال عليه السلام: كذبت عندنا البيّنة بأنّه سرج محمّد بن علي و أمّا البغلة فإنّا اشتريناها منذ قريب و أنت أعلم و ما قلت[۱]

فإنّه عليه السلام ادّعى وجود البيّنة على السرج مع أنّه عليه السلام منكر و كان تكليفه اليمين و كذا خبر حفص بن غياث عن الصّادق عليه السلام قال: قال له: إذا رأيت شيئاً في يدي رجلٍ يجوز لي أن اشهد أنّه له؟ قال: نعم[۲] و غير‌ ذلك من الأخبار.

(مسألة ۲۶): لو تبيّن كذب الحالف في حلفه بعد حكم الحاكم ينقض الحكم بل لا حكم في البين حتّى ينقض لتبيّن كون المنكر ظالماً محضاً فالحكم لغوٌ و إنشاءٌ باطلٌ فيجوز للمدّعي ترتيب اثر كونه محقاً من المطالبة و المقاصّة و نحوهما لفرض ظهور بطلان حلف معارضه فيثبت حقّه لا محالة و الدّعوى بلا معارض في البين فإنّها مقبولة شرعاً و عرفاً بل و عقلاً أيضاً.

(مسألة ۲۷): يشترط في الحلف الموجب لسقوط حقّ المدّعي مقارنته لحكم الحاكم فلا أثر له بدون حكمة لأصالة عدم السقوط إلّا بعد تماميّة السّبب و هو حكم الحاكم مع أن نصب الحاكم و إرجاع النّاس إليه لا معنى له إلّا اتّباع حكمه و نظره و معرضيّة غيره للمناقشة و الخدشة فتدوم الخصومة و يطول النّزاع

فلا وجه لما يقال: من أنّ إطلاق أدلّة اعتبار اليمين و البيّنة يقتضي الاكتفاء بهما مطلقاً و لو لم يكونا مقرونين بحكم الحاكم

مخدوش: لأنّ اعتبارهما في مورد الخصومة لدى الحاكم و رفع النّزاع إنّما هو لأجل التّسبب بهما إلى الحكم الذي هو بمنزلة حكم الله تعالى فالقاطع البتّي للخصومات إنّما هو حكم الحاكم فقط شرعاً بل و عرفاً أيضاً كما هو المتعارف بين جميع أرباب الملل و الدّيانات في الأحكام الدّائرة بينهم الصّادرة عن قضاتهم

(مسألة ۲۸): للمنكر أن يرد اليمين على المدّعي فإذا حلف ثبتت دعواه مع حكم الحاكم و إلّا سقطت كذلك أمّا ثبوت الدّعوى فللإجماع و النّصوص منها قوله عليه السلام في صحيح ابن مسلم: في الرّجل يدّعي و لا بيّنة له قال علیه السلام: يستحلفه فإن ردّ اليمين على صاحب الحقّ فلم يحلف فلا حق له[۳] و منه يظهر دليل السّقوط ان لم يحلف أيضاً و أمّا الاحتياج إلى حكم الحاكم فلمّا تقدّم في المسألة السّابقة فلا وجه للإعادة

[۱] وسائل باب۲۴ من ابواب کیفیّة الحکم ح۱

[۲] وسائل باب۲۵ من ابواب کیفیة الحکم ح۲

[۳] وسائل باب ۷ من ابواب کیفیة الحکم ح۱

 

درس اصول:

الأمر الرابع: هل المراد هو الصحّة عند الفاعل أو الحامل؟

هل أصالة الصحّة تُثْبِتُ كون العمل صحيحاً عند الفاعل و العامل، أو تُثْبِتُ كونه صحيحاً عند الحامل؟ و يعبر عن الأوّل بالصحّة الفاعلية، و عن الثاني بالصحّة الواقعية، لأنّ الحامل يتصور انّ ما يعتقده هو الواقع.

فهنا وجهان:

الأوّل: انّ مقتضى التعليل هو الصحّة عند الفاعل لما قرّر من أنّ الفاعل المريد الهادف لا يترك ما هو المؤثر في العمل عمداً لكونه نقضاً للغرض، و لا سهواً لكونه نادراً، فلو اعتمدنا في أصالة الصحّة على هذا التعليل، فلا يثبت إلّا كون العمل صحيحاً عند الفاعل.

الثاني: انّ الغرض الذي لأجله أُسِّس الأصل هو ترتيب الآثار الواقعية عند الحامل، و المفروض انّ الأثر مترتب على العمل الصحيح عنده لا عند الفاعل.

و بذلك يظهر وجود التنافي بين التعليل و الغرض الذي أُسِّس لأجله‏ الأصل، و مع ذلك لا محيص إلّا عن تقديم الثاني و إلّا يكون الأصل قاصراً غير مفيدٍ. و على ذلك تختلف أحكام الصور من حيث إثبات الصحّة و عدمه.

۱. إذا وقف الحامل على أنّ العامل جاهل بأحكام عمله من حيث الصحّة و الفساد لأجل الجهل بالحكم أو الموضوع، فلو جاء به صحيحاً فإنّما وقع ذلك صدفة لا لكون الصحّة مقتضى طبع العمل الصادر عن الفاعل المريد الهادف، فلا تجري هنا أصالة الصحّة.

۲. أن يجهل الحامل بحال العامل من حيث العلم بالحكم و الموضوع و عدمه، و الظاهر جريان أصالة الصحّة لوجود السيرة حيث إنّ بناء الناس على حمل عمل الآخرين على الصحّة من دون تفحّص و تفتيش عن علمهم بالموضوعات و الأحكام، و عدمه.

۳. أن يعلم الحامل بعلم العامل بعمله حكماً و موضوعاً، و له صورٌ:

أ: أن تُعلم الموافقة بينهما في موارد الصحّة و البطلان.

ب: أن يجهل حاله من حيث الموافقة و المخالفة.

ج: أن تعلم مخالفته مع الحامل.

فيجري في الأُولى لوجود الموافقة، كما يجري في الصورة الثانية للجهل بالمخالفة، و قد علمنا أنّ الناس يحملون عمل الآخرين على الصحّة من دون تفتيش عن كونهم عالمين أو جاهلين، و على فرض كونهم عالمين كونهم موافقين للحامل أو مخالفين.

لكنّه لا يجري في الصورة الثالثة، لأنّ الصحّة هنا ليست مقتضى طبع إرادة الفاعل المريد، بل لو صحّت و كان العمل موافقاً للصحيح عند الحامل فإنّما هو من باب الصدفة.

إذا كان بين عقيدتي الحامل و الفاعل تباين، كما إذا اعتقد العامل بوجوب القصر في السفر أي أربعة فراسخ و إن لم يرجع ليومه و اعتقد الآخر وجوب الإتمام في هذه الصورة فلا تجري أصالة الصحّة، و ذلك لأنّ وقوع العمل صحيحاً حسب نظر الحامل: الصلاة تامة رهن السهو و الغفلة، و إلّا فهو بطبع الحال يصلّي قصراً حسب ما يعتقد.

و إذا كان بين العقيدتين تخالف لا بالتباين، كما إذا اعتقد الفاعل بجواز الجهر و الاخفات في صلاة ظهر يوم الجمعة، و اعتقد الحامل بوجوب خصوص المخافتة، فهل تجري أصالة الصحّة أو لا؟ الظاهر هو الثاني، لأنّ وقوع العمل صحيحاً حسب نظر الحامل ليس نتيجة إرادة الفاعل المريد الهادف، بل نتيجة الصدفة بأن يختار من طرفي التخيير ما هو الموافق لنظر الحامل.

و على ضوء الإحاطة بأحكام هذه الصور تُميّز الموارد التي تجري فيها أصالة الصحّة عمّا لا تجري.