سید احمد فاطمی

جلسه پنجاه و هشتم: ۹ بهمن ۱۳۹۵

درس فقه:

(مسألة ۱۹): يجوز للحاكم الشّرعيّ الاعتماد على الثّبوت التّعبديّ من البيّنة أو الأصل أو حسن الظّاهر في حكمه في الخصوصيات لأنّ كل ذلك طريقٌ شرعيٌّ معتبرٌ يصح الاعتماد عليه في الشّرع بعد الثّبوت.

(مسألة ۲۰): إذا شهد الشّاهدان بحسن الظّاهر يجوز للحاکم الحكم بشهادتهما لثبوت الموضوع حينئذٍ بالتّعبد لكون حسن الظّاهر كاشفاً عن ثبوت الموضوع فتكون الشّهادة به حينئذٍ شهادةً بالعدالة.

(مسألة ۲۱): لا أثر للشَهادة بالجرح بمجرد مشاهدة فعل كبيرةٍ ما لم يعلم أنّه على وجه العصيان من دون عذرٍ لانّ ارتکاب الکبیرة اعمّ من ان یکون علی وجه المعصیة او لعذر شرعیٍّ بل لابدّ من حمل فعله علی الصّحة فلو احتمل أنّه فعلها لعذرٍ يحرم جرحه و إن حصل له ظنّ بذلك بقرائن مفيدة له لاصالة عدم حجیّة کل ظنّ ما لم یدلّ علیها دلیل بالخصوص و هو مفقود

(مسألة ۲۲): إذا رضي المنكر بشهادة الفاسقين أو عادل و فاسق أو عادلٍ واحدٍ لا يجوز للحاكم الحكم و لو حكم لا يترتّب علیه أثر للاجماع و لانّه من الحکم بغیر ما انزل الله تعالی.

(مسألة ۲۳): لا يجوز للحاكم أن يحكم بشهادة شاهدين لم يحرز جامعيتهما للشّرائط من العدالة و غيرها عنده لعدم تحقّق موضوع صحّة الحکم حینئذٍ و إن اعترف المنكر بعدالتهما لكن أخطأهما في الشّهادة لاصالة عدم حجیة مثل هذا الحکم مضافاً الی الاجماع

(مسألة ۲۴): إذا تعارضت بيّنة الجارح و المعدل سقطتا لاصالة السقوط عند التّعارض مطلقاً سواء اتّحدتا بالعدد او اختلفتا لصدق تعارض البیّنتین

 

درس اصول:

الأمر العاشر: ما خرج عن تحت القاعدة

إنّ أصالة الصحّة أصلٌ يحتج بها في أبواب الفقه قاطبة، لكن بشرط أن لا يكون طبع العمل مقتضياً للفساد و إلّا فلا تجري، و لهذه الضابطة فروع في الفقه:

۱. بيع الوقف مع احتمال المسوِّغ.

۲. بيع مال اليتيم إذا لم يكن البائع ولياً مع احتمال المسوِّغ.

۳. بيع العين المرهونة بدعوى إذن المرتهن.

۴. إقامة الصلاة في المكان المغصوب مع احتمال المسوِّغ.

۵. إقامة الصلاة في الثوب المتنجس مع احتمال المسوِّغ.

۶. بيع مال الغير فضولًا بادّعاء صدور الإجازة بعد البيع.

۷. بيع المكيل و الموزون بادّعاء انّه كاله أو وزنه في مدة لا تسعهما.

…. إلى غير ذلك من الموارد التي يتوقف العقلاء عن إجراء أصالة الصحّة فيها. أضف إلى ذلك انّ الاعتماد على أصالة الصحّة في هذه الموارد يوجب الهرج و المرج، و يدع الباب مفتوحاً أمام المفسدين و المنحرفين، فيقومون ببيع أموال الناس بحجّة إذنهم و إجازتهم.

و للسيد الطباطبائي رحمه الله كلام في كتاب الوقف من ملحقات العروة ما هذا نصه:

إذا باع الموقوف عليه أو الناظر، العين الموقوفة و لم يعلم أنّ بيعه كان مع‏ وجود المسوّغ أو لا، الظاهر عدم جريان قاعدة حمل فعل المسلم على الصحّة، فلو لم يثبت المسوّغ يجوز للبطون اللاحقة الانتزاع من يد المشتري، فهو كما لو باع شخصٌ مال غيره مع عدم كونه في يده و لم يعلم كونه وكيلًا عن ذلك الغير فانّه لا يصحّ ترتيب أثر البيع عليه، و دعوى الموقوف عليه أو الناظر وجود المسوّغ لا تكفي في الحكم بصحّة الشراء و لا يجوز مع عدم العلم به الشراء منهما.[۱]

و هذا تمام الكلام فی قاعدة أصالة الصحّة

.

القرعة

[القرعة في اللّغة]

القرعة في اللّغة بمعنى الدقّ و الضرب يقال: قرع الباب دقّه.

قال ابن فارس في المقاييس: الإقراع و المقارعة من المساهمة، و سمِّيت بذلك لأنّها شي‏ء كأنّه يُضرَب، يقال قارعتُ فلاناً قرعتُه: أصابتني القرعة دونه.

و الكلام في أدلّتها و مفادها و حدودها ضمن أُمور:

 

[الأمر] الأوّل: القرعة قاعدة عقلائية

القرعة قاعدة عقلائية يتمسّك بها العقلاء عند انغلاق جميع أبواب الحلول و انسداد جميع الطُّرُق، و تشهد بذلك الآيات و الروايات حيث إنّ عبّاد بني إسرائيل ساهموا في تعيين من يكفل مريم بنت عمران، كما أنّ أهل السفينة ساهموا لتشخيص العبد العاصي أو تعيين واحد من الركاب لإلقائه في البحر بغية تخفيف السفينة، إلى غير ذلك من الموارد الآتیۀ إن شاء الله تعالی.

فإذا كانت القرعة من القواعد العقلائية تكون الآيات و الروايات الواردة حولها إمضاءً لما بأيديهم كماً و كيفاً.

و من تتّبع سيرة العقلاء في موارد القرعة يقف على أنّهم يقارعون بشرط أمرين:

۱. انغلاق أبواب الحلول.

۲. كون المورد من قبيل التّنازع أو التّزاحم، فلو كان هناك عموم في أبواب القرعة يُحمل على ذلك المورد، و بذلك يعلم انّه لا يصحّ الإقراع في الإناءين المشتبهين، و لا في القبلة المشتبهة بين الجوانب الأربعة، أو بين الإمامين اللّذين نعلم بعدالة واحد منهما، إلى غير ذلك.

و على ذلك يحمل قوله عليه السلام «كلّ مجهولٍ ففيه القرعة» و قوله عليه السلام «القرعة سنّةٌ» و ذلك لأنّ السيرة العقلائية كالقرينة المتصلة بهذه المطلقات تمنع عن انعقاد إطلاقاتها في غير ذلك الباب، و بذلك تصبح العمل بالقرعة في غير مورد التّنازع و التّزاحم أمراً فارغاً عن الدليل، لأنّ السّيرة مختصةٌ بذلك الباب و الإطلاقات منزلة عليها، فيكون الإقراع في غير هذا الإطار متوقّفاً على الدليل.

 

[الأمر] الثاني: القرعة في الكتاب العزيز

جاء في القرآن المجید حديث الإقراع مرّتين و لکونه كتاب هداية، فلو كانت القرعة أمراً غیر مشروع لردّه القرآن، و لا يقتصر على مجرّد نقلها من بني إسرائيل أو من الآخرين بلا نقد و لا ردٍّ، فالنّقل بلا ردّ آية انّه سنّة مرضيّة عند اللّه تعالى، و بذلك يصبح الكتاب دليلاً على صحّة القرعة من هذه الزّاوية لا من زاوية استصحاب أحكام الشرائع السّابقة، و إنّما نحتاج إلى الاستصحاب إذا ثبت الحكم فيها عن غير طريق القرآن، و إلّا فلو نقل القرآن حكماً أو سنّةً بلا ردّ و لا نقد فيؤخذ به من دون حاجة إلى الاستصحاب، و هذه ضابطة كلّية مطّردۀ.

[۱]. ملحقات العروة: ۱/۶۳ من كتاب الوقف.