سید احمد فاطمی

جلسه شصت و نهم: درس خارج فقه و اصول ۲۷ بهمن ۱۳۹۵

درس فقه:

(مسألة ۱۴): لا يمين في الحدود مطلقاً إجماعاً و نصوصاً منها قول علی عليه السلام في خبر محمد بن أبي نصر: لا يمين في حدّ و عنه عليه السلام أيضاً في خبر غياث بن إبراهيم: لا يستحلف صاحب الحدّ[۱] و يأتي في محله إن شاء الله تعالى انها لا تثبت إلّا بالإقرار أو البيّنة بالشّرائط الآتية باذن الله تعالی.

و لا فرق في ذلك بين أن يكون المورد من حق الله تعالى محضاً كشرب الخمر و مشتركا بينه و بين حقّ النّاس كالقذف لإطلاق الدّليل و بناء حقوق الله تعالى محضاً كانت أو مشتركةً على التّخفيف و الإغماض كما هو شأن ذوي الهمم الرّفيعة العالية من أوليائه تعالی فضلاً عنه تعالى بلا فرق في ذلك بين اليمين الابتدائيّة أو اليمين المردودة لأنّ الثّانية تابعة للأولى فإذا لم يجز‌ المتبوع فلا وجه لجريان التّابع مضافاً إلى ما مرّ من الإطلاق فلو ادّعي أنه قذفه بالزّنا فأنكر لم يتوجّه اليمين على المنكر لأنّ مجرّد إنكاره شبهة و عن النبي الأعظم صلّى الله عليه و آله: ادرؤوا الحدود بالشّبهات[۲] مضافاً إلى الإجماع و بناء الشّريعة على عدم إشاعة الفاحشة و كفاية الرجوع إلى الله تعالى و التّوبة و إرضاء المقذوف.

نعم في الحقوق المشتركة كالسّرقة تثبت اليمين بالنّسبة إلى حقّ النّاس فقط لترتب الموضوع من الحقّين فيعمل بكل واحدٍ من الحُكمين فلا منافاة بينهما في البين مضافاً إلى الاتّفاق.

و تثبت في غيرها من الدّعاوي مالية كانت أو غيرها للعموم و الإطلاق و ظهور الاتّفاق بلا فرقٍ بين الماليّة منها كالدّين و الضّمانات و غيرها كالنّكاح و الطّلاق و القَتل.

(مسألة ۱۵): لو علم أنّ الحالف قصد التّورية في حلفه لا يترتّب الأثر على هذا الحلف لخبر صفوان بن يحيى قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرّجل يحلف و ضميره على غير ما حلف عليه؟ قال علیه السلام: اليمين على الضمير[۳] و مثله خبر الأشعري عن الرّضا عليه السلام مضافاً إلى الأصل بعد الشّكّ في شمول إطلاقات أدلّة الحلف مثله

(مسألة ۱۶): يستحب للحاكم موعظة الحالف قبل الحلف و تحذيره عن ما يترتب على الحلف صادقاً فضلاً من أن يكون كاذباً سيرة و إجماعاً و هما يكفيان في الاستحباب بل يستظهر من‌  النصوص[۴] و يشهد له الاعتبار أيضاً لأنّ عظمته تعالی أجلّ من أن يحلف له تعالى في مقابل شي‌ء من الممكنات صادقاً فضلاً عن الكذب و إنّما اذن تعالى في الحلف باسمه الأقدس تسهيلاّ للأنام في فصل المنازعة و الخصام و عن بعض دعوى التّجربة انّ الحلف بالله كاذباً يوجب الفقر و انقطاع النّسل …

(مسألة ۱۷): لو حلف أن لا يحلف أصلاً فابتلي بالحلف لأجل فصل الخصومة يشكل ترتّب الأثر عليه لما ذكرنا في كتاب اليمين فلا وجه للإعادة هنا و احتمال جريان قاعدة نفي الضّرر فينحلّ بها اليمين السّابق أو النّذر فيقع الحلف بلا محذور مشكلٌ لأنّه متوقّف على تقديم قاعدة نفي الضّرر على إطلاق أدلّة الحلف و جريانها في مثل هذه الموارد الّتي ألزم المكلّف الضّرر باختياره على نفسه أول الدّعوى و كذا لو نهى الوالد و منعه عن الحلف لابدّ من تحقیقه فی كتاب اليمين

[۱] وسائل باب ۲۴ ابواب مقدّمات الحدود و احکامها العامّة

[۲] وسائل باب ۲۴ ابواب مقدمات الحدود

[۳] وسائل باب ۲۱ ابواب الایمان

[۴] وسائل باب ۱ ح۱ باب ۳و۴ ابواب الایمان

 

درس اصول:

بقي هنا نكتة و هي انّ للتزاحم مصطلحين، فتارةً يراد منه التّزاحم المصطلح في باب التّرتب و باب التعادل و التّرجيح، فقد علم مفاده و الفرق بينه و بين التعارض.

و أُخرى يراد منه ما هو المصطلح في باب اجتماع الأمر و النّهي، أي ما يكون التّزاحم بين الملاكين بحيث لا يمكن حيازة ملاك أحد الحكمين في ظرف ملاك الحكم الآخر، فالملاك الموجود في الصلاة لا يمكن نيله مع المفسدة الموجودة في الغصب، فلو صلّى في الدار المغصوبة، فأحد الملاكين مغلوب للملاك الآخر، و لذلك يكون المجمع على القول بالامتناع من باب التّزاحم فلا بدّ من تقديم أحد الملاكين «المصلحة أو المفسدة» على الأُخرى.

نعم على القول بالاجتماع لا تزاحم بين الملاكين كما لا تزاحم في مقام الدّلالة و الامتثال و التفصيل في محله، و ليكن هذا على ذُكر منك، لأنّ كثيراً ما يشتبه التّزاحم في هذا الباب مع التّزاحم في ذلك المقام. نعم حاول المحقّق النراقي رحمه الله علیه أن يثبت وحدة الاصطلاحين. (فوائد الاصول ج۴ ص۷۵۰ قسم التعلیقۀ)

 

الأمر الرابع: أقسام التزاحم‏

إذا كان مرجع التزاحم إلى تنافي كلّ منهما مع الآخر في مقام الامتثال بلا تكاذب في مقام التشريع فربّما يكون امتثال أحدهما سبباً لترك الآخر بتاتاً و بالمرّۀ كمسألة إنقاذ الغريقين، و ربّما يكون سبباً لتأخير امتثال أحد الحكمين عن وقت الفضيلة إلى غيره كما هو الحال في الأمر بالإزالة و الصلاة أوّل الوقت، فوجوب الإزالة يزاحم وجوب الصلاة في وقت الفضيلة، و لا يزاحمه في سائر الأوقات فعليه الإزالة و تأخير الصلاة إلى الوقت الثاني.

بل ربّما يكون التّزاحم بين الواجب التّعييني و أحد الأعدال من الواجب التخييري كما إذا كان عليه دينٌ معجّل و في الوقت نفسه كفارة رمضان، فلو أدّى دينه المطالَب لا يتمكّن من إطعام ستّين مسكيناً، بل يجب عليه العدول إلى فرد آخر و هو صوم ستّين يوماً، كلّ ذلك من أقسام التزاحم.

[نظر السید الخوئي ره]

لکن یظهر من السید الخوئي رحمه الله علیه انحصار التزاحم في الأوّل حيث قال: انّ ملاك التّزاحم أن لا يكون المكلّف متمكّناً من امتثال الحكمين معاً بحيث يكون امتثال أحدهما متوقّفاً على مخالفة الآخر، كمسألة إنقاذ الغريقين. (مصباح الاصول ج۳ ص۳۵۷)

[نقد]

و فیه: أنّ التّزاحم في القسم الأوّل بين الحكمين، و في الثّاني بين واجب و مصداق من الواجب الموسّع، أو عِدْلٍ من الواجب المخيّر، و ليس التّزاحم اصطلاحاً شرعياً حتّى نتبع تفسيره، بل الجامع عدم إمكان امتثال الأمرين إمّا مطلقاً أو في وقت خاص فيدخل الجميع تحت التّزاحم.