سید احمد فاطمی

جلسه هشتادم: درس خارج فقه و اصول ۱۸ اسفند ۱۳۹۵

درس فقه:

(مسألة ۶): لا فرق فيما مرّ بين ثبوت الحكم لدى الحاكم الأوّل بالحلف أو بالبيّنة أو بشاهد واحد و يمين و لا بين حكمه على الحاضر و الغائب لإطلاق الأدلّة و عمومها الشّامل لجميع مايتصوّر من الفروض في المقام من غير دليل على الخلاف

و لابدّ في الجميع من ضبط تمام الخصوصيّات و الجهات الجزئيّة و إيصالها إلى الحاكم الثّاني لفرض أنّه كَمِرآةٍ يحكي عن الأوّل و كأنّه وقعت المُخاصمة لدى الثّاني بجميع الجَهات و الخصوصيّات كما في نقل جميع القضايا الّتي تترتّب‌ عليها الآثار على جميع أجزائها و جزئيّاتها.

(مسألة ۷): يجب على الحاكم الثّاني إيقاف الحكم لو لم يتّضح له الأمر و لو بجزئيٍّ من جزئيّاتها لأنّه مع عدم الاتّضاح يكون من الحُكم بغير ما أنزل الله تعالى و هو محرّم بالأدلّة الأربعة.

فلابدّ له من استبانته لجميع ذلك بحجّةٍ معتبرة لاعتبار ذلك في تنفيذ كلّ حكم إلهيٍّ عقلاً و نقلاً

(مسألة ۸): لا فرق فيما مرّ بين بقاء الحاكم الأوّل على حياته أو موته و لا بين بقاء كلّ الشّرائط و بين زوال بعضها لعروض جنون أو نسيان للعموم و الإطلاق و الأصل الدّالّ كلّ ذلك على اعتبار الحُكم بعد صدوره جامعاً للشّرائط فيجب تنفيذه و يحرم نقضه إلّا أن يعلم أنّ الحكم كان لمصلحة وقتيّة لا دائميّة

نعم لو ظهر فسق الحاكم الأوّل بعد إنشاء الحُكم جامعاً للشّرائط حين الإنشاء فالأحوط للحاكم الثّاني استئناف النّظر لما نسب إلى جمعٍ من بطلان أصل الحكم بظهور الفسق و لكن لا دليل لهم من عقلٍ أو نقلٍ بل ظاهر الأصل و العموم و الإطلاق على الخلاف إلّا إذا ثبت أنّ ثبوت الفسق كان حين إنشاء الحكم و حينئذٍ لا فرق بينه و بين سائر الموانع لو ثبت كونها حين الإنشاء

 

درس اصول:

۲. أخذ عرف الراوي بنظر الاعتبار

انّ أكثر المتلقّين عن أئمّة أهل البيت علیهم السلام كانوا عرباً و لكن كان لهم أعراف مختلفة، مثلًا الرطل الذي هو عند الجميع حاكٍ عن الوزن و المقدار يختلف مقداره عند المكي و العراقي، فالرطل المكي ضِعْف الرطل العراقي، و بذلك‏ اختلفت الأخبار في بيان الكرّ ففي بعض منها الكرّ ستمائة رطل، و في بعض آخر الكرّ من الماء الذي لا ينجسه شي‏ءٌ ألف و مائتا رطل، و هما في بادئ النظر مختلفان لكن بالنظر إلى العرف الذي تكلّم به الإمام ينحلّ به الاختلاف فانّ المخاطب في الخبر الأوّل هو «محمد بن مسلم الثقفي الطائفي» و «الطائف» قريب من مكة، و لكن المخاطب في الثاني هو «محمد بن أبي عمير البغدادي» و بذلك يتحد مضمون الروايات فانّ الكرّ حسب العرف الأوّل هو ۶۰۰ رطل و حسب العرف الثاني ۱۲۰۰ رطل و في الوقت نفسه هما أمر واحدٌ قد عُبّر عنه بتعبيرين. (وسائل ج۱ باب۱۱ ابواب الماء المطلق ح۱ و ۳)

۳. ملاحظة مصلحة الراوي حين الإفتاء

إنّ الأخذ بمصلحة الراوي ممّا أوجب اختلاف الروايات، ففي الفقه الإمامي المتواتر عن الإمام الصادق عليه السلام هو انّ الرجل إذا مات و ترك ابنةً واحدة فقط فالتركة جميعاً لها: نصفها بالفرض و النصف الآخر بالرد، على خلاف ما عليه الفقه السنّي فانّ النصف عندهم للبنت و النصف الآخر للعَصَبَة.

فترى أنّ الإمام الصادق عليه السلام في الرواية التالية يُفتي بفتوى أهل السنّة رعاية لمصلحة الراوي،

روى سلمة بن محرز، قال: قلت للصادق عليه السلام إنّ رجلًا مات و أوصى إليَّ بتركته و ترك ابنته، قال: فقال لي: أعطها النصف. قال: فأخبرت زرارة بذلك، فقال لي: اتّقاك إنّما المال لها، قال: فدخلت عليه بعدُ، فقلت: أصلحك اللّه تعالی إنّ أصحابنا زعموا أنّك اتّقيتني؟ فقال: لا و اللّه ما اتّقيتك و لكنّي اتقيت عليك أن تَضْمَنَ «فهل علم بذلك أحدٌ؟ قلت: لا، فقال: فأعطها ما بقي. (وسائل ج۱۷ ص۴۴۲ باب۴ ابواب میراث ابوین ح۳)

 

۴. الدسّ و التزوير في الروايات‏

كان بين أصحاب الأئمّة رجال غالوا في مقامات الأنبياء و الأئمة عليهم السلام و بذلك وُصِفُوا – بالغلاة – و هم عند الأئمّة شرّ الناس. فمنهم:

المغيرة بن سعيد، و أبو زينب الأسدي المعروف بأبي الخطاب تارةً و أبي الذبيان أُخرى، و إليه تُنسب الفرقة الخطّابية، فقد دسَّ هؤلاء روايات منكرة في كتب أصحاب أبي جعفر الباقر عليه السلام و أبي عبد اللّه الصادق عليه السلام

روى هشام بن الحكم عن الصادق عليه السلام انّه كان يقول: كان المغيرة بن سعيد يتعمَّد الكذب على أبي و يأخذ كتب أصحابه، و كان أصحابه المستترون بأصحاب أبي، يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة، فكان يدسّ فيها الكفر و الزندقة و يُسندها إلى أبي ثمّ يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يبثُّوها في الشيعة، فكلّما كان في كتب أصحاب أبي من الغلوّ فذاك ممّا دسّه المغيرة بن سعيد في كتبهم. (رجال کشی ۱۹۶، رقم۱۳۰)

و يؤيده ما رواه الكشي عن يونس بن عبد الرحمان،

قال: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب الباقر عليه السلام و وجدت أصحاب الصادق عليه السلام متوافرين، فسمعت منهم و أخذت كتبهم فعرضتها من بعد على أبي الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث الصادق عليه السلام و قال لي: إنّ أبا الخطاب كذّب على الصادق عليه السلام لعن اللّه أبا الخطاب، و كذلك أصحاب أبي الخطاب يدسّون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب الصادق عليه السلام فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فانّا إن تحدثنا، حدَّثنا بموافقة القرآن و موافقة السنّة. (رجال کشی ۱۹۵/۱۰۳)

ثمّ إنّ الدس و التزوير لم ينحصر بهذين الرجلين، بل جاء بعدهما جماعة لهم دورٌ في التزوير كفارس بن حاتم القزويني، و الحسن بن محمد بن بابا، و محمد بن نُصَير النميري، و أبي طاهر محمد بن علي بن بلال، و أحمد بن هلال، و الحسين بن منصور الحلّاج، و ابن أبي عذافر، و أبي دلف، و جمع كثير ممّن يتسمّى بالشيعة فإليهم تُسند المقالات الشنيعة من الغلو و الإباحات و التناسخ، و قد خرجت في لعنهم التوقيعات عنهم عليهم السلام. و أورد الكشي أخبارهم.