سید احمد فاطمی

جلسه هشتاد و یکم: درس خارج فقه و اصول ۲۱ اسفند ۱۳۹۵

درس فقه:

(مسألة ۹): لو أقرّ المدّعى عليه عند الحاكم الثّاني بأنّه المحكوم عليه و هو المشهود عليه ألزمه الحاكم لوجود المقتضي لذلك بإقراره و فقد المانع عنه فلابدّ له من إلزامه به

و لو أنكر و كان شهادة الشّهود على عينه لم يسمع إنكاره و الزم به للإجماع و لأنّه إنكار بعد تماميّة الحجّة من كلّ جهة على الثّبوت إلّا إذا رجع قوله إلى جرح الشّهود فلابدّ له حينئذٍ من إثبات الجرح في الشّهود حين الشّهادة

و كذا لو شهد الشّهود بالأوصاف الملازمة له عند العرف بحيث يوجب حصول الاطمئنان العاديّ به لظهور الإجماع و حجيّة الظّواهر الموجبة للاطمئنان عند العقلاء ما لم يعلم الخلاف

و إن لم يكن من هذا و لا ذلك يقبل قوله بيمينه و على المدّعي إقامة البيّنة بأنّه هو أمّا أنّ القول قوله بيمينه فلفرض عدم ثبوت ذلك بالنسبة إليه بعد فمقتضى الأصل عدم كونه هو المشهود عليه فيقبل قوله باليمين و أمّا انّ على المدّعي إقامة البيّنة فلأصالة عدم قبول كل دعوى إلّا بحجّةٍ معتبرةٍ و إن استظهر من القرائن انّ الحكم كان على المتّهم يبطل الحكم من أصله لذلك

.

الفصل التاسع في المقاصّة و ما يتعلّق بها و هي جائزة بشروطها الآتية

و هی بمعنی الاقتضاء و الأخذ جائزة بالأدلّة الأربعة فمن الكتاب آياتٌ منها قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ[۱] و منها قوله تعالى: فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ[۲] و قوله تعالى: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها[۳]

و من السُّنة أخبار مستفيضة و الاخبار الکثیرة و من الإجماع إجماع المسلمين و من العقل قاعدة السّلطنة على أموالهم و بعد امتناع وصول المالك إلى العين يسلّط على نفس الماليّة عقلاً.

(مسألة ۱): يعتبر في المقاصّة ثبوت أصل الحقّ شرعاً و تحقّق المطالبة من صاحبه و جحود مَن عليه الحقّ أو مماطلته و ان لا يكون المال المقتص منه مورد حق آخر للأخبار و الإجماع و أصالة عدم جواز التّصرف في مال الغير إلّا بعد تحقّق ما مرّ من الشّرائط

(مسألة ۲): لا تجوز المقاصّة إن لم يجحد الطّرف أو لم يماطل عن الأداء عند المطالبة بضرورة من الدّين بل عند العقلاء أجمعين و سيأتي حكم الشّك في الجُحود أو المماطلة في مسألة ۱۸

[۱] بقرة ۱۴۹

[۲] نحل ۱۲۶

[۳] شوری ۴۰

 

درس اصول:

۵. النقل بالمعنى‏

إنّ من أسباب الاختلاف عدم عناية الراوي بنقل كلام الإمام بنصِّه و الاكتفاء بمعناه، فعند ذلك تطرق الاختلاف بين الأحاديث، إذ ربما كان نصّ الإمام عليه السلام مشتملًا على قرينة على المراد، حذفها الراوي باعتقاد انّها غير دخيلة في المعنى، و ها هو منصور بن حازم

يقول: قلت للصادق عليه السلام رجل تزوج امرأة و سمَّى لها صداقاً، ثمّ مات عنها و لم يدخل بها؟ قال: لها المهر كاملاً، و لها الميراث. قلت: فإنّهم رووا عنك انّ لها نصف المهر؟ قال: لا يحفظون عنّي، إنّما ذلك للمطلّقة. (وسائل ج۱۵ ص۷۷ باب۵۸ ابواب المهر ح۲۴)

نعم، كان لفيف من الأصحاب ملتزمين بنقل التعبير بنصّه حيث كانوا يكتبون الحديث في مجلس السماع كما جاء في بعض روايات زرارة. (وسائل ۳/۱۱۰ باب۸ ابواب المواقیت ح۳۳)

۶. عدم إتقان اللغة العربية

إنّ من أسباب الاختلاف عدم إتقان اللغة العربية من قبل بعض الرواة غير العرب كعمّار بن موسى الساباطي، فهو فطحي ثقة، لكنّه من الموالي غير العرب، و لذلك نجد اضطراباً ملحوظاً في أغلب ما رواه، و لذلك قال الشيخ في الاستبصار: انّه لا يعمل بمتفردات عمّار. (الاستبصار۱/۳۷۲)

على أنّ عدة من الرواة لم يكن همّهم نقلَ الحديث و دراستَه و مذاكرتَه، و إنّما سألوا عن أشياء و أُجيبوا فنقلوه إلى الآخرين، و هذا كصفوان الجمّال الذي يرجع أكثر رواياته إلى السؤال عن أحكام السفر و لم يكن له همّ سوى ذلك.

و هذا الصنف من الرواة يختلف أحوالهم مع من كان مولعاً بتعلّم الحديث و نقله و ضبطه، كزرارة و محمد بن مسلم.

قال زرارة: قلت للصادق عليه السلام جعلني اللّه فداك أسألك في الحج منذ أربعين عاماً فتُفتيني؟ فأجابه الإمام بما يزيل عنه هذه الحيرة. فقال: عليه السلام يا زرارة، بيت حُجَّ إليه قبل آدم بألفي سنۀ تريد أن تُفنى مسائله في أربعين عاماً. (وسائل ۸ باب۱ ابواب وجوب حج ح۱۲)

و كم فرق بين راوٍ اناخ مطيّته عند عتبة أئمّة أهل البيت عليهم السلام أربعين سنة لأخذ الحديث، و راوٍ يسأل الأئمّة عليهم السلام طول عمره مرّة أو مرتين. و من الواضح بمكان انّ روايات الراوي الأوّل أتقن بكثير من الراوي الثاني.

۷. التقية

إنّ من أحد الأسباب لطروء الاختلاف في الأخبار المروية عنهم هو إفتاء أئمّة أهل البيت عليهم السلام على خلاف مذهبهم تقيّة من السلطان أوّلًا، و القضاة الذين كان بيدهم الأُمور ثانياً، و حفظ نفوس شيعتهم ثالثاً.

أمّا الأوّل و الثاني فواضحان، إنّما الكلام في الثالث و هو انّ الإفتاء على خلاف مذهبهم كان سبباً لحفظ الشیعۀ. إنّهم عليهم السلام لو كانوا مفتين على وفق مذهبهم دائماً كان ذلك سبباً لانتشار مذهبهم بين الشيعة و عملهم على فتياهم، و لأضحى ذلك سمة مميّزة لهم و بالتالي مُثيراً لحفيظة الآخرين عليهم، تعقبها مضاعفات أُخرى خطيرة.

روى الشيخ رحمه الله في التهذيب في الصحيح

عن سالم بن أبي خديجة، عن الصادق عليه السلام قال: سأله إنسان و أنا حاضر، فقال: ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلُّون العصر، و بعضهم يصلُّون الظهر؟ فقال: أنا أمرتهم بهذا لو صلُّوا على وقتٍ واحدٍ عُرِفوا فأُخذوا برقابهم. (وسائل ۳ باب۷ ابواب المواقیت ح۳)

و لأجل هذه الدواعي المختلفة كان أئمّة أهل البيت عليهم السلام تتقي بين الحين و الآخر، و بذلك اختلفت الأخبار المأثورة عنهم عليهم السلام، بما انّ بعضها إفتاء وفق الواقع، و الآخر إفتاء وفق مذهب الآخرين.

إذا ظهر ذلك فاعلم أنّ إفتاء الأئمّة عليهم السلام على وفق التقية كان أمراً ذائعاً، و يدلّ على ذلك أُمور نذكر منها ما يلي:

الأوّل: انّ بعض الشيعة كانوا يكاتبون أئمتهم عليهم السلام و يطلبون منهم الإفتاء وفق‏ الواقع لا وفق التقية.

روى الصدوق عن يحيى بن أبي عمران أنّه قال: كتبت إلى الجواد عليه السلام في السنجاب و الفنك و الخز، و قلت: جعلت فداك، أحب أن لا تجيبني بالتقية في ذلك؟ فكتب بخطه إليَّ صلّ فيها. (وسائل ۳ باب۳ ابواب المصلی ح۶)