سید احمد فاطمی

جلسه هشتاد و دوم: درس خارج فقه و اصول ۲۲ اسفند ۱۳۹۵

درس فقه:

(مسألة ۳): تجوز المقاصّة بلا فرق بين أن يكون الحقّ على غيره من عينٍ أودينٍ أومنفعةٍ أومطلق الحقّ إذا كان جاحداً أو مماطلاً أمّا أصل الجواز فلمّامرّ من الأدلة الأربعة وأمّا التّعميم للعين والدّين والمنفعة ومطلق الحقّ فلظهور الإطلاق والاتّفاق

و كذا لو كان غاصباً و أنكر لنسيانه لوجود المقتضي لها و فقد المانع عنها، فتشملها الإطلاقات و العمومات

(مسألة ۴): لو كان المقتصّ منه منكرًا لاعتقاده الحقّيّة أو كان لا يدري بحقّية المدّعي فلا تجوز المقاصّة حينئذٍ للأصل بعد الشّك في شمول الأدلّة لهذه الصّورة

(مسألة ۵): لا يجوز للمالك المقاصّة من مال المقتصّ منه مع تمكّنه من أخذ عين ماله للأصل و الإجماع و ظواهر الأدلّة

و مع عدم إمكان ذلك جاز له المقاصّة من ماله الآخر لإطلاق الأدلة و عمومها الشّامل لهذه الصّورة

فإذا كان من جنس ماله يصحّ له الأخذ بمقداره و إن لم يكن كذلك يصح الأخذ بقدر قيمته و إن لم يمكن المقاصّة إلّا ببيعه جاز له البيع و أخذ مقدار قيمة ماله كلّ ذلك لظهور الإطلاق و الاتفاق الشّاملين لجميع هذه الصّور و هو يقتضي الإذن الشّرعي في البيع إن اقتضته الحاجة و الضّرورة لأنّ الإذن في الشّي‌ء إذن في لوازمه

و ردّ الزّائد من حقّه لأصالة بقاء الزّائد على ملك مالكه و عدم جواز التّصرف في ذلك إلّا بما أذن له الشّارع و مقتضى قاعدة اليد ذلك أيضاً.

و لو تلف الزّائد في يده من غير إفراط و تفريط و لا تأخير في الرّد لم يضمن لأنّ صاحب الحقّ أمين شرعيّ حينئذٍ و الأمين لا يضمن إلّا بالتّعدي أو التّفريط …

و إلّا ضمن لقاعدة اليد بعد عدم دليل على الخلاف.

(مسألة ۶): إذا توقّف أخذ حقّه على التّصرّف في الزّائد من حقّه جاز لأنّ ذلك من اللّوازم العرفيّة للمقاصّة مع الاحتياج إليه فيشمل الإذن فيه أيضاً

(مسألة ۷): لو كان المطلوب مثليّاً يقتصّ بالمثل مع الإمكان على الأحوط لإطلاق أدلّة المثليّة في المثل و القيمة في القيميّات و لكن يمكن الإشكال في المثليّة بأنّ موردها الضّمانات- اختياريّة كانت أو لا- ففي شمولها لمثل الاقتصاص إشكالٌ إذ المناط فيه تدارك أصل المال مطلقاً و لذا عبرنا بالاحتياط

و مع عدمه يقتصّ من غيره بالقيمة لأصالة عدم حقّ المقاصّة إلّا بذلك و التّمسك بالإطلاقات تمسّك‌ٌ في الموضوع المشكوك و أمّا مع عدم التّمكن عرفاً فيصحّ مطلقاً تمسّكاً بالإطلاق حينئذٍ.

 

درس اصول:

الثاني: انّ أصحاب الأئمّة الذين كانوا بطانة لعلومهم و مذاهبهم، كانوا يميّزون الحكم الصادر عن تقيّةٍ و الصادر لا عن تقيّة، فإذا روى شخص عن الأئمة حديثاً و كان على وجه التقية، يخاطبونه بقولهم «أعطاك من جراب النورة» و أمّا إذا كان لا على نحو التقيّة يقولون: «أعطاك من عين صافية» (وسائل ج۱۷ ص۵۰۸ باب۵ ابواب میراث الاعمام و الاحوال ح۲)

ثمّ إنّ الإفتاء على وفق التقية كان يتناسب مع حجم الأخطار المحدقة، فإذا كان الخطر دائماً بالنسبة إلى شخصٍ، يفتيه الإمام على وفق التقية من دون أن يحدّد ظرف العمل به، و إذا كان الخطر موقتاً و مقطعيّاً يفتيه على وجه مؤقت ثمّ يرشده إلى من يهديه إلى الحكم الواقعي.

روى علي بن سعد البصري، قال: قلت للصادق عليه السلام: إنّي نازلٌ في قوم بني عديّ و مؤذِّنهم و إمامهم و جميع أهل المسجد عثمانيّة يبرءون منكم و من شيعتكم، و أنا نازلٌ فيهم فما ترى في الصلاة خلف الإمام؟ فقال: عليه السلام صلِّ خلفه و احتسب بما تسمع، و لو قدمت البصرة لقد سألك الفضيل بن يسار و أخبرته بما أفتيتك فتأخذ بقول الفضيل و تدع قولي. قال عليّ: فقدمت البصرة فأخبرت فضيلًا بما قال: فقال: هو أعلم بما قال، و لكنّي قد سمعته و سمعت أباه‏ يقولان: لا تعتدّ بالصلاة خلف الناصبيّ و اقرأ لنفسك كأنّك وحدك. (وسائل ج۵ ص۳۸۹ باب۱۰ ابواب صلاۀ الجماعۀ ح۴)

فمن أراد أن يقف على الدور الذي لعبته التقية في طروء الاختلاف على الأخبار المروية عنهم فليرجع إلى كتاب الحدائق الناضرة، قسم المقدمة، فانّه قد بلغ الغاية في ذلك.(الحدائق ۱/۸ -۵ و وسائل جزء۷ باب۵۷ ابواب ما یمسک الصائم)

هذه هي الأسباب الموجبة لطروء الاختلاف في الأخبار المروية عن الأئمّة عليهم السلام و لعل هناك أسباباً أُخرى لم نقف عليها.

إذا عرفت هذه الأُمور الثمانية فاعلم انّ الكلام في مبحث تعارض الأدلة يدور حول أمرين:

۱. التعارض البدوي غير المستقر.

۲. التعارض المستقر.

و المراد من الأمر الأوّل هو التعارض الذي يتبادر إلى الذهن قبل الإمعان في القرائن الحافَّة بالخبرين و لكنّه بعد الإمعان يظهر عدم وجود الاختلاف بينها و ذلك بتحكيم الأظهر على الظاهر.

كما أنّ المراد من الثاني هو التنافي المستمر الذي لا يزول مع الإمعان في الخبرين أو الأُمور الخارجة عنهما بل يبقى التنافي بحاله.

فمن القسم الأوّل تقديم الخاص على العام، و المقيد على المطلق، و الوارد على المورود، و الحاكم على المحكوم و العناوين الثانوية على العناوين الأوّلية، و لذلك لا نعد هذه الأُمور من المتعارضين اللذين يرجع فيهما إلى المرجحات.

نعم ربما يقع البحث في الصغرى بأنّ أيّاً من الدليلين أظهر من الآخر …..

و أمّا القسم الثاني فهو ما يكون التنافي سائداً قائماً من دون أن تكون بينها الأظهرية. فعلينا أن نبحث في المقام الأوّل ثمّ نعرج إلى المقام الثاني.

إذا عرفت هذه المقدمات فاعلم أنّ الكلام يقع في فصلين:

۱. التعارض البدويّ غير المستقرّ.

۲. التعارض المستقرّ.

و إليك الكلام فيهما واحداً بعد الآخر.