سید احمد فاطمی

جلسه صد و پنجم: درس خارج فقه و اصول ۱۸ اردیبهشت ۱۳۹۶

درس فقه:

(مسألة ۱۵): تقبل شهادة الزّوج لزوجته و عليها و بالعكس كذلك للأصل و الإطلاق و الاتفاق و نصوص خاصة منها قول الصادق عليه السلام في الصّحيح: تجوز شهادة الرّجل لامرأته و المرأة لزوجها إذا كان معها غيرها و موثقة سماعة قال: سألته عن شهادة الرّجل لامرأته؟ قال: نعم و المرأة لزوجها؟ قال علیه السلام: لا إلّا أن يكون معها غيرها[۱]

و لا تعتبر في شهادة الزّوجة الضّميمة فضلاً عن الزّوج للأصل و الإطلاق و نسب ذلك إلى أكثر القدماء و عامّة المتأخّرين و ما ورد في الخبرين السّابقين من اعتبار الضّميمة محمولٌ على الغالب من عدم حصول الاطمئنان النّوعي من قول امرأة واحدة فيصير النّزاع بينهم في المقام لفظياً و يبتني على ذلك شهادتها لزوجها في الوصيّة فمع عدم الاحتياج إلى الضّميمة يثبت الرّبع بشهادتها فقط و مع الاحتياج إليها لا يثبت شي‌ء بدونها

نعم لو لم يحصل الاطمئنان النّوعي من قول امرأة واحدة تحتاج إلى الضّميمة الوجه في ذلك واضح فلا يحتاج إلى الإعادة.

(مسألة ۱۶): تقبل شهادة الصّديق لصديقه و عليه شديدة كانت الصّداقة أو ضعيفة لظهور الإطلاق و الاتفاق فيهما و لأن العدالة الموجودة مانعة عن المساهلة و المسامحة

و تقبل شهادة الضيف أيضاً كذلك للإطلاق و الإجماع و قول الصّادق عليه السلام في خبر أبي بصير: لا بأس بشهادة الضّيف إذا كان عفيفاً صائناً[۲] و إطلاقه يشمل ما إذا كان له ميل إلى المشهود له ام لا.

(مسألة ۱۷): الأحوط عدم قبول شهادة الأجير لمن استأجره نسب المنع إلى أكثر المتقدمين لأخبار مستفيضة منها قول الصّادق عليه السلام: كان أميرالمؤمنين عليه السلام لا يجيز شهادة الأجير[۳] و في موثقة سماعة قال: سألته عمّا يردّ من الشهود؟ قال: المريب و الخصم و الشّريك و دافع مغرم و الأجير[۴] و نسب إلى المشهور بين المتأخّرين الصّحة للعمومات و الإطلاقات و ظهور قول الصّادق عليه السلام: و يكره شهادة الأجير لصاحبه و لا بأس بشهادته لغيره و لا بأس بها له بعد مفارقته[۵] و لكن العمومات و الإطلاقات مخصّصة و مقيّدة بالمستفيضة فتحمل الكراهة على البطلان جمعاً

و لو تحمل حال الإجارة و أدّى بعد المفارقة تصحّ للأصل و الإطلاق و الاتّفاق و ما تقدّم من قول الصّادق عليه السلام

[۱] وسائل باب ۵ من ابواب الشهادات ح۱و۲

[۲] وسائل باب ۲۹ ابواب الشهادات ح۲و۳

[۳] وسائل باب ۲۹ ابواب الشهادات ح۳و۲

[۴] وسائل باب ۲۹ ابواب الشهادات ح۳

[۵] وسائل باب ۲۹ ابواب الشهادات ح۳

 

درس اصول:

۲. ذهب المحقّق الخراساني رحمه الله إلى التفصيل بين الصور:

الأُولى: إذا كانت السببية المقتضية للحجّية مختصةً بما إذا لم يعلم كذب الخبر لا تفصيلاً و لا إجمالاً، يكون مقتضى القاعدة هو التساقط لفقدان الشرط، و هو عدم العلم بكذب أحد الخبرين، فتخرج هذه الصورة من أقسام السببية و تدخل في الطريقية. و إلى هذه الصورة أشار المحقّق الخراساني رحمه الله بقوله: « لو كان الحجّة خصوص ما لم يعلم كذبه ….»

الثانية: لو قلنا بأنّ المقتضي للحجّية هو مطلق الخبر و إن علم كذب أحدهما إجمالاً، فيكون المتعارضان من باب تزاحم الواجبين، سواء أدّيا إلى وجوب الضدين كما إذا دلّ أحدهما على وجوب الحركة و الآخر على وجوب السكون، أو إلى لزوم المتناقضين كما إذا دلّ أحدهما على وجوب الشي‏ء و الآخر على عدمه.

الثالثة: لو دلّ أحدهما على الوجوب و الآخر على حكم غير إلزامي كالإباحة، فقد ذهب المحقّق الخراساني رحمه الله إلى عدم التزاحم ضرورة عدم صلاحية ما لا اقتضاء فيه (إباحة) أن يزاحم ما فيه الاقتضاء كالوجوب، و إلى هذه الصورة أشار بقوله: «لا فيما إذا كان مؤدّى أحدهما حكماً غير إلزاميٍ.»

الرابعة: هذا إذا كانت الإباحة بمعنى عدم الاقتضاء لحكم من الأحكام، و أمّا لو كانت الإباحة عن اقتضاء بأن كانت المصلحة مقتضيةً للتساوي بحيث تكون الإباحة عن اقتضاء التساوي لا عن عدم الاقتضاء فيزاحم حينئذٍ ما يقتضي الإلزام، فيتعامل معهما معاملة المتزاحمين.

الخامسة: هذا إذا كان موضوع المصلحة مؤدّى الأمارة، و أمّا لو كان موضوعها هو الإلزام القلبي بكلّ من التكليفين بأن يجب الالتزام بالوجوب كما يجب الالتزام بالإباحة، فتدخل في باب المتزاحمين ضرورة عدم إمكان الالتزام بحكمين في موضوع واحد من الأحكام.

هذه هي الصورة التي ذكرها المحقّق الخراساني رحمه الله فأدخل بعضها في التزاحم و أخرج بعضها الآخر عنه.

 

[نقد]

يرد على كلامه أمران:

الأوّل: اختصاص المصلحة السلوكية بالخبر الذي يحتجّ به، أعني: غير المعارض، لا بالخبرين المتعارضين اللّذين لا يحتج بهما حسب ما عرفت.

الثاني: عدم انطباق حدّ التزاحم على الصور التي جعلها منه.

و إليك بيان الأمرين:

أمّا الأوّل: فلأنّ معنى المصلحة السلوكية مختصة بالخبر غير المعارض «الحجة» دون الخبرين المتعارضين، و يعلم ذلك من الدافع الذي دفع الشيخ رحمه الله إلى تصويره حيث إنّ الشارع أمر بالعمل بالأمارة مطلقاً مع أنّها ربما تخطأ في بعض الموارد. و هي مستلزمة لتفويت المصلحة أو الوقوع في المفسدة.

فهذا ما دفع الشيخ رحمه الله إلى التخلّص عنه بتصوير المصلحة السلوكية الجابرة، و على ذلك فالمصلحة السلوكية لها إطار ضيق لا يعم إلاّ الخبر غير المعارض الذي أمر الشارع بالعمل به.

و أمّا الخبران المتعارضان فالمفروض عدم حجّيتهما، لما دلّت المنفصلة السابقة على عدم صحة الاحتجاج بهما، و ذلك لأنّ التعبّد بهما تعبّد بأمرين مختلفين في‏ زمان واحدٍ، و التعبّد بأحدهما المعيّن ترجيح بلا مرجّح و بأحدهما المفهومي لا معنى له، و بأحدهما المصداقي لا واقعية له. فصارت النتيجة عدم صحّة الاحتجاج بالمتعارضين، و معه كيف يمكن تصوير المصلحة السلوكية فيهما، التي تختص بالخبر الذي أمر الشارع بالعمل به؟!

و أمّا الثاني: فقد عرفت أنّ التزاحم عبارة عن عدم الاحتكاك و التدافع في مقام الجعل و الملاك و إنّما يرجع التدافع إلى ظرف العمل و الامتثال، فإذا كان هذا حد التزاحم، فكيف ينطبق ذلك التعريف على الموارد الثلاثة التي جعلها من أقسام التزاحم؟!

أ: الخبران المؤدّيان إلى وجوب الضدين أو لزوم المتناقضين، و المفروض انّ التدافع قائم على قدم و ساقٍ في كلتا الصورتين، فإذا دلّ أحدهما على وجوب الحركة و الآخر على وجوب السكون في زمان واحدٍ فهما يتكاذبان في الجعل و الإنشاء، كما أنّ بينهما تدافعاً في محل الملاك.

ب: إذا دلّ أحد الخبرين على الوجوب و الآخر على الإباحة عن اقتضاءٍ فقد جعله المحقّق من قبيل المتزاحمين مع عدم انطباق تعريفهما على المورد لوجود التدافع في مقام الجعل أوّلاً و الملاك ثانياً، فالوجوب يكذب الإباحة و بالعكس، كما أنّ كونه واجباً بمعنى وجود المصلحة الملزمة في الفعل و كونه مباحاً بمعنى عدم وجود المصلحة الملزمة في الفعل.

ج: إذا كان موضوع المصلحة هو الالتزام القلبي، فكيف يدخل في باب المتزاحمين، و ذلك لاستلزامه التدافع في مقام الجعل فإيجاب الالتزام القلبي بالوجوب يطارده وجوب الالتزام القلبي بالحرمة.

فقد ظهر ممّا ذكرنا أمران:

الأوّل: انّ المصلحة السلوكية مختصةٌ بالخبر غير المعارض و لا تعمّ المتعارضين.

الثاني: انّ حد التزاحم لا ينطبق على الصور الثلاث التي جعلها من المتزاحمين.

و بذلك يظهر الحق المختار في الخبرين المتعارضين على القول بالسببية.

نعم و الذي يسهل الخطب عدم ترتب ثمرة مهمة على هذا البحث، لأنّ القول بالسببية افتراض عقلي لا دليل عليه والحق هو القول بالطریقیۀ.

حمداً لله تعالی