سید احمد فاطمی

جلسه صد و ششم: درس خارج فقه و اصول ۱۹ اردیبهشت ۱۳۹۶

درس فقه:

(مسألة ۱۸): المناط في الشّرائط المعتبرة في الشّهادة حال الأداء لاحال التّحمّل فلو تحمّل فاقداً للشّرائط فأدّاها جامعاً لها تصحّ شهادته للإطلاق و الاتفاق و نصوص خاصّة في الجملة منها ما عن الصّادق عليه السلام: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إنّ شهادة الصّبيان إذا شهدوا و هم صغارٌ جازت إذا كبروا ما لم ينسوها و كذلك اليهود و النّصارى إذا أسلموا جازت شهادتهم[۱] و في صحيح محمد بن مسلم قال: سألته عن الصّبي و العبد و النّصراني يشهدون شهادة فيسلم النصراني أتجوز شهادته؟ قال علیه السلام: نعم[۲] و امّا صحیح جمیل قال: سألت الصادق علیه السلام عن نصرانيّ اشهد على شهادة ثمَّ أسلم بعداً أتجوز شهادته؟ قال علیه السلام: لا[۳] فهو شاذ معرض عنه و محمول على التّقية و معارض مع المستفيضة الدّالة على القبول

(مسألة ۱۹): لا يتوقف تحمل الشّهادة على الاستشهاد و استدعاء من المشهود له أو عليه لإطلاق الأدلّة و إجماع الفرقة و أصالة البراءة عن الشّرطيّة.

فإذا سمع ما تصحّ الشّهادة به -كالإقرار و العقد و الإيقاع و نحوها- تقبل الشّهادة بما سمع و كذا لو رأى ما تصحّ الشّهادة به كالقتل و الجناية و نحوهما كلّ ذلك لوجود المقتضي للقبول و فقد المانع عنه بعد إحراز عدالة الشّاهد و أنّه لايساهل و لايتسامح فيما سمع أو رأى

فيندرج حينئذٍ فيما دلّ على وجوب أدائها عيناً أو كفايةً كغيره من الشّهود لأنّ انطباق الحكم على تحقّق الموضوع قهريّ كما هو معلوم

فمع توقف إقامة الحقّ على شهادته وجبت الشّهادة و مع العدم يتخيّر بين الإقامة و السّكوت كما هو الشّأن في جميع موارد إقامة الشّهادات على ما يأتي إن شاء الله تعالى.

ثمَّ إنه لو تبيّن فقدان الشّهود لبعض الشّرائط فی صحة الشّهادة بعد حكم الحاكم فإمّا أن يكون ذلك قبل الشّهادة و حكم الحاكم أو يكون بعدهما و في الأول: لا موضوع للحكم لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه و في الثّاني: لا أثر للتبيين لأنّه حكم بالطرق الظّاهرية فينفذ حكمه و لا أثر لتبين الخلاف. نعم لو تبیّن بعد الحكم و قبل الإنفاذ فيأتي في الحدود إن شاء الله تعالى

(مسألة ۲۰): كل فاسق تاب لا يترتّب عليه آثار العدالة بعد التّوبة بلا فصل ما لم يحصل فيه ملكة العدالة لأنّ حالة عدم العصيان أعمّ من حصول ملكة العدالة كما هو واضحٌ و ما هو شرط لترتّب آثار العدالة إنّما هو الثّاني دون الأوّل و إلّا فالنّاس كلّهم عدول في حال عدم ارتكابهم المعصية.

[۱] وسائل باب ۳۹ ابواب الشهادات ح۸

[۲] وسائل باب ۳۹ ابواب الشهادات ح۶و۴

[۳] همان

 

درس اصول:

المبحث الرابع: مقتضى القاعدة الثانوية في المتعارضين‏

قد عرفت أنّ مقتضى القاعدة الأوّلية في المتعارضين هو التساقط، على كلا المسلكين: الطريقية و السببية.

و يقع الكلام في المقام في مقتضى القاعدة الثانوية، و انّه هل ورد دليل يخالف مقتضى القاعدة الأوّلية أو لا؟ فعلى الأوّل يؤخذ بمقتضى الدليل الوارد، و قد ذهب الأصحاب إلى عدم سقوط الخبرين من رأس اعتماداً على روايات وردت عنهم عليهم السلام تشهد على عدم سقوطهما من رأس، و لكنّها مع التأكيد على ذلك يختلفان في جهات أُخرى، و لذلك تشعبت الروايات إلى طوائف ثلاث:

۱. الدالۀ علی التخییر

۲. التوقف

۳. الاخذ بذی الترجیح

الطائفة الأُولى: ما يدل على التخيير

إنّ هنا لفيفاً من الروايات تدلّ على أنّ المرجع عند التعارض بين الخبرين في مقام العمل، و قد ادّعى الشيخ رحمه الله فی الفرائد تواترها، و مع ذلك ذهب المحقّق الخوئي رحمه الله إلى أنّ التخيير عند فقد المرجح ممّا لا دليل عليه، بل عمل الأصحاب في الفقه على خلافه، فانّا لم نجد مورداً أفتى فيه بالتخيير واحد منهم.(مصباح الاصول ج۳ ص ۴۲۶)

و الامام الخمینی رحمه الله يقول بتضافر الروايات الدالة على التخيير،و لكن أكثرها ضعيفةٌ سنداً او دلالۀً او واردة في المستحبات، و هی روایات ثمان نتعرض علیها واحدۀ بعد اخری:

۱. ما رواه الحسن بن جهم‏، عن الرضا عليه السلام، قال: قلت له: تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة، فقال عليه السلام: ما جاءك عنّا فقس على كتاب اللّه تعالی و أحاديثنا، فإن كان يشبههما فهو منّا، و إن لم يكن يشبهها فليس منّا.

قلت: يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين، و لا نعلم أيّهما الحقّ؟ قال عليه السلام: فإذا لم تعلم فموسّعٌ عليك بأيّهما أخذت. (وسائل ج۱۸ ص۸۷، باب۹ من ابواب صفات قاضی ح۴۰)

و روى صدره العياشي عن الحسن بن الجهم، عن العبد الصالح. (وسائل ج۱۸ ص۸۷، باب۹ من ابواب صفات قاضی ح۴۸)

فإن قلت: تدل على التخيير بعد فقد الترجيح و المطلوب هو إثبات التخيير مطلقاً.

قلت: المطلوب هو ثبوت التخيير على وجه الإجمال و لا مانع من تخصيص ما دلّ عليه بالروايات الدالّة على الترجيح بالمرجِّحات. و الرواية حجّة على خلاف ما اختاره المحقّق الخوئي رحمه الله حيث حكم بالتخيير عند فقد المرجّح.

۲. ما رواه الحارث بن المغيرة، (نجاشی: هو ثقۀ ثقۀ و له اکثر من اربعین روایۀ)

عن الصادق عليه السلام: إذا سمعت من أصحابك الحديث و كلّهم ثقة، فموسّع عليك حتى ترى القائم عليه السلام فترد عليه. (وسائل ج۱۸ ص۸۷، باب۹ من ابواب صفات قاضی ح۴۱)

و ربما يقال بأنّ الحديث ناظر إلى حجّية قول الثقة و ليس بناظر إلى الحديثين المختلفين، و يمكن أن يقال: بأنّ الحديث ناظر إلى الخبرين المتعارضين بشهادة انّ قول الإمام عليه السلام «فموسع عليك …» حيث إنّه ورد في الحديث المتقدم الذي مورده هو تعارض الخبرين، كما أنّه ورد أيضاً في حديث علي بن مهزيار الآتي و مورده أيضاً الخبران المتعارضان.

أضف إلى ذلك أنّ الغاية «حتى ترى القائم» تناسب حجّية الخبرين المتعارضين، و أمّا الخبر الواحد فهو حجّة إلى يوم القيامة.

و أمّا قوله «فكلّهم ثقة» فاشتراط وثاقة الجميع لأجل تعدّد الروايات، و إلّا فلو كانت الرواية واحدة لا يشترط فيه سوى وثاقة راويها، لا وثاقة جميع الأصحاب.

۳. ما رواه الشيخ في التهذيب عن علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب لعبد اللّه بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام: اختلف أصحابنا في رواياتهم عن الصادق عليه السلام في ركعتي الفجر في السفر، فروى بعضهم صلّها في المحمل، و روى‏ بعضهم لا تصلّها إلّا على الأرض؟ فوقّع عليه السلام: موسّع عليك بأيّةٍ عملت. (وسائل ج۱۸ ص۸۸، باب۹ من ابواب صفات قاضی ح۴۴)

و لكن موردها هو النافلة، لأنّ ركعتي الفجر كناية عن نافلة الفجر، فالتخيير في المستحبات بين الخبرين لا يكون دليلاً على التخيير في غيرها، و مع ذلك يحتمل أن يكون المراد نفس صلاة الفجر.

و احتمل السید الخوئي رحمه الله أنّ التخيير في الرواية تخييرٌ واقعي و ليس تخييراً ظاهرياً بمعنى جواز العمل بالخبرين، و ذلك لأنّه لو كان الحكم الواقعي غيره كان عليه البيان لا الحكم بالتخيير بين الحديثين.

[نقد]

و فيه: أنّ ما ذكره مخالف لظاهر قوله علبه السلام «موسّع عليك بأيّةٍ عملت» حيث إنّه ظاهر في الجواب عن المسألة الأُصولية، و أمّا لما ذا لم يُجب بالحكم الواقعي و اكتفى بالحكم الظاهري، و هو جواز العمل بالروايتين فليس وجهه بمعلوم.